لمحة عامة

تؤدي سياسات المنافسة دوراً محورياً في الاقتصادات المتقدّمة النمو والنامية على السّواء، سعياً إلى تعزيز كفاءة السوق وضمان رفاه المستهلكين. وتميّزت المنطقة العربية تاريخياً بمشاركةٍ كبيرة من جانب الدولة وبهياكل السوق الشديدة التركيز، فأدركت على نحوٍ متزايد أهمية قوانين المنافسة، وانتقلت إلى اقتصادات أكثر توجّهاً نحو السوق. وتهدف البلدان العربية، عن طريق إدخال قوانين وسياسات المنافسة وتعزيزها، إلى تحفيز الابتكار، وجذب الاستثمار، وخفض الأسعار، ورفع جودة المنتجات والخدمات، ومن ثمّ تعزيز التنمية الاقتصادية.

شهدت المنطقة العربية في السنوات الأخيرة تقدّماً كبيراً في قوانين المنافسة، على الرغم من وجود اختلافات بين البلدان العربية. وأظهرت أحدث النتائج المسجّلة في تقرير الأُطر التشريعية لبيئة الأعمال في البلدان العربية لعام 2024،

الذي يقدّم تقييماً شاملاً للوائح التنظيمية المتعلقة بالمنافسة ومجالات الأعمال الأخرى، انتقال نتيجة المنافسة الإقليمية من "متوسط" إلى "متطوّر"، مقارنةً بنتائج تقرير عام 2021.

ولا شكّ أنّ تنفيذ قوانين أو تعديلات جديدة في مجال المنافسة في العديد من البلدان العربية قد أحدث تغييرات إيجابية في المنطقة. لكنّ الرؤى المستمدّة من تقرير الأُطر التشريعية لبيئة الأعمال في البلدان العربية تكشف عن الضرورة المستمرّة للتصدي للشواغل الملحّة، مع التركيز بوجهٍ خاص على الإعفاءات التي تعوق فعالية تشريعات المنافسة. وتلقي التحديات المستمرّة، لا سيما في مجالاتٍ مثل الشفافية والتعريف الدقيق لمفاهيم المنافسة، الضوء على جوانب إضافية تستلزم التحسين المستمر. ولمواجهة هذه التحديات، يمكن للبلدان العربية تعزيز فعالية أطر المنافسة لديها عن طريق تقوية القدرات المؤسسية، وتعزيز آليات الإنفاذ، ومواءمة ممارساتها مع المعايير الدولية.

وفي هذا السياق، تستمرّ اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، في سعيها إلى تحقيق هذه الغايات، بعقد منتدى المنافسة العربي الذي استُهلّ في عام 2020، بالشراكة مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. ويهدف المنتدى إلى إقامة منصّة لأصحاب المصلحة في المنطقة العربية من أجل التبادل المستمرّ للمعارف بشأن سياسات المنافسة وإنفاذها. وهذا العام، يتمحور المنتدى حول موضوع نشر ثقافة المنافسة، ويسلّط الضوء على أهمية تعزيز سياسات المنافسة الفعّالة ودعمها بنشاط. ويكتسب هذا التركيز أهميةً بالغة نظراً للدور المحوري في تعزيز بيئة تنافسية وزيادة الوعي لتحفيز المنافسة العادلة.

وتنظّم الإسكوا منتدى المنافسة العربي الخامس بالشراكة مع الأونكتاد، ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، ومجلس المنافسة في تونس ولجنة المنافسة لدى السوق المشتركة لشرق أفريقيا والجنوب الأفريقي (الكوميسا). ويتيح هذا الحدث الذي يستمرّ ليومين قناةً مشتركة لتقديم المعارف وأفضل الممارسات في مجال المنافسة، وتيسير التنسيق والتعاون بشأن المنافسة على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية. ويستفيد خبراء هيئات المنافسة في الدول الأعضاء من التعلّم بين الأقران بناءً على دراسات الحالة الدولية وأفضل الممارسات التي يقدّمها نظراؤهم من مختلف البلدان.

تشمل أهداف منتدى المنافسة العربي الخامس ما يلي:

• دعم جهود نشر ثقافة المنافسة الموحّدة والمؤثرة في المنطقة العربية.
• المساهمة في تحسين النمو الاقتصادي والحوكمة في المنطقة العربية، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
• تعزيز التعاون والتنسيق بين هيئات المنافسة في الدول الأعضاء في الإسكوا.
• تقديم رؤى قيّمة لعملية صياغة سياسات المنافسة وإنفاذها في المنطقة العربية، بالاسترشاد بأفضل الممارسات العالمية.
• جمع توصيات محدّدة بشأن المبادرات المستقبلية الهادفة إلى النهوض بسياسات المنافسة وإنفاذها في المنطقة العربية.